بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا أفعل ان كنت وحيداً ؟
وكيف ستكون حياتي , اذا قدر الله لي العيش بمفردي ؟
هل أستطيع ان أكون سعيداً وقتها ومتفائلاً , أم أنني سأستسلم لليأس والقنوط -
معاذ الله - .
كثير من الناس يعتقد ان الوحدة بلوى ومصيبة قد نعيشها لفترة او لفترات من
حياتنا , إلا ان مثل هكذا قناعة ستجعلنا بكل تأكيد نعيش بتعاسة ما فوقها تعاسة ,
وبالذات فيما يخص الفتاة او الزوجة , اذ أن مجتمعاتنا الشرقية , تلقي بأحكام
جائرة على اي انسان قُدر له العيش وحيداً سواء كان أرمل او مطلق أو حتى لم
يكتب له ان يخوض غمار الحياة الزوجية .
ما أحببت طرحه هنا هو اضفاء بعض الأفكار التي تجعل من وحدتنا حياة سعيدة ,
بكل تفاصيلها , وهو بكل تأكيد ليس حثاً في الشروع بحياة فريدة وحيدة لا نشرك
بها أحد , بل هو كيفية ان نستطيع التكيف والتأقلم مع الظروف التي تدفعنا للعيش
بمفردنا .
بدايةً : يجب الإقتناع بأن الوحدة هي بحد ذاتها فن يجب ان نتعلمه ونمارسه
بشجاعة وقوة للوصول الى درجة الإكتفاء والهدوء والسكينة .
أنت تعيش بمفردك الآن , وهذا واقع لا مفر منه فلماذا لا تحاول ان تجعله نعيماً بدل
العيش بالحسرات , يجب ان تواجه مشاكلك بشجاعة , وهذا يبدأ من منطلق
أساسي , ألا وهو كيف أنظر لنفسي وأنا إنسان وحيد و بمفردي , فإذا اعتبرت
الوحدة حرية ثمينة سنكون عندها بمركز أفضل من ان تعتقد انها كارثة او مصيبة .
أولى الخطوات العملية للتعايش مع هذا الظرف , هو ان نفكر دائماً بأن هذه الوحدة
شيء مؤقت سيزول عاجلاً أم آجلاً حتى ولو لم يكن كذلك , عندها سنستعيد الأمل
والسعادة والنظر بتفاؤل الى المستقبل , يجب ان نفكر بأننا ننتظر حدثاً سعيداً في
أية لحظة , وأنه سيكون هناك معجزة تقلب مجرى حياتي رأساً على عقب , فقد قال -
صلى الله عليه وسلم - : ( تفاؤلوا بالخير تجدوه )
ثاني الخطوات , عدم الندم على شيء : من الأمور الهامة التي يجب التنبه اليها ,
هو ان لا نندم على ما فات , بل نتذكر دائما ان الغد سوف يأتي بجديد , فالناس
الذين هم أكثر سعادة وتفاؤل لا نجد في قاموسهم كلمة ( ندم ) او ( لو ) فإن هاتين
الكلمتين تبعثران الأحلام وتشتتان العزم وتخلقان الوهن النفسي والعيش بمرارة
الماضي .
ان الندم والإعتراف الدائم بالضجر امام الناس يبعدهم عنك فكن متفائلاً ولا تتذمر
ولا تطل النظر الى الماضي لان غياب الأمس يعني شروق اليوم , وانت بأمس
الحاجة للأصدقاء الذين يحبونك كثيراً ما دمت متفائلاً وسعيداً .
ثالث الخطوات الإهتمام بشؤون حياتي : وذلك من أبرع الفنون للناجحين على
الدوام .
ماذا يعني ان كنت وحيداً فهل هذا يعني ان أهمل منزلي او مظهري أو حديقتي ,
فأنا أهتم بذلك لأني أستحق ان أعيش بأفضل حال , وان كانت لي هواية
تستهويني , فعليَ ممارستها , فإن ذلك ان دل على شيء دل على الثقة بالنفس ,
والأهم من كل ذلك أن تكون ممارستي لما أحب نابعاً من أعماقي وقناعاتي
الشخصية لا الهروب من الوحدة او الضجر .
من أكثر إيجابيات الوحدة هو كيفية تعلم الإعتماد على النفس , لأن الاعتماد على
النفس يشعرنا بالإكتفاء الذاتي , والذي بدوره يجعلنا نجدول أعمالنا بما يشبه
النظام والتفنن , ومن يبرع في هذا الفن يتمتع بقوة الشخصية والتي من شأنها ان
تجعل منه أنسان ناضج يقدر الامور ويكسب إحترام من حوله .
وأخيراً تخيل معي لو ألقي بك في مكان بعيد او جزيرة نائية , ماذا علي ان أفعل أن
انتظر الموت او افقد عقلي , لو كنت عاقلاً بالتأكيد لن أختار أحد الامرين مما
سبق , بل ما سأفعله هو البحث عن وسائل المعيشة والنجاة , فاحمد الله انك بكل
تأكيد تعرف اناس يحبونك ويريدون ان يقضوا معك وقت جميل , فما الحياة سوى
محطة لا بد من تركها والإنتقال الى المحطة التالية , فعش رحلتك بسعادة لأنها
رحلة فريدة لن تتكرر .
ولكم مني أجمل تحية و حياة سعيدة ملؤها الدفء والحب .