كن هكذا ولا تندم
عندما تكون طيِّباً , حنوناً , سمحاً , متواضعاً , وعندما تتجاوز بعواطفك كل الحدود , فتحب كل الناس , وتمدَّ يد العون لكل محتاج إليها سواء طلب منك أو لم يطلب , وتعمل على نصرة كل مظلوم حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بك , وتنسى واجبك نحو نفسك وأهلك وتتكلف في سبيل الآخرين ما تطيق وما لا تطيق , إمعاناً في فعل الخير فتحب للآخرين أكثر مما تحب لنفسك أحياناً فتبلغ بذلك قمة ( الإيثار ) ثم تجد نفسك من جراء ذلك كله تقف في قفص الاتهام لأنك وعدت - تطوعاً منك - في بذل قصارى جهدك لتحقيق أمر ما , فلم تستطع فيتهمك صاحبه بأنك لا تريد خدمته بدلاً من أن يشكرك على بذل الجهد , وقد يستغل آخر اخلاص وحبك لفعل الخير فيوجهك - دون أن تدري - لتخدمه فيما لا يستحق فينقم عليك آخرون , وقد يعجب من تتطوع بخدمته وتحقق له ما يريد فيسيء بك الظن ويعتقد أنك ترمي إلى هدف أكبر من وراء ما قدمت له
.
وقد يأتيك صديق ناصح فيقول لك : إن هذه طيبة مفرطة وأن الطيبة المفرطة في هذا الزمن تعتبر ( غفلة ) ويعبرها البعض ( غباء ) وأن ( الخْبث ) و ( اللؤم ) و ( الأنانية ) هي العملات الرائجة هذه الأيام في سوق التعامل بين الناس , وقد يقول لك ناصح آخر بصدق : إن طينتك الطيبة بحاجة إلى أن تعجن بأوقية من ( الخبث ) لتستطيع التعامل مع العصر وإلا فأنت ( مغفل ) لأنك تحسن الظن بداية وتحسن النية في كل عمل ,
وتصدق كل ما يقال وتتوقع من الناس ما تفعله لهم وعندما يحدث عكس ذلك تصدم لكنك لا تتعلم , ولا تعرف كيف تعاملهم بالمثل , فتحسن إلى من يسيء إليك , وتعفو عمن تقدر عليه ومن لا تقدر عليه , وترضى بسرعة إذا غضبت , ولا تتسرب قطرة من حقد أو كراهية إلى قلبك لأنك تغسله بذكر الله كل ليلة قبل أن تنام من أوضار الدنيا , ذلك إيماناً منك بأن من يطمع في عفو الله ومغفرته فليتسامح مع عباده .
ومع ذلك كله , عليك ألا تتغير , وثق تماماً أن من يفعل ذلك يتولى الله أمره في كل شيء , ويتكفل بأجره وفقاً لقوله تعالى : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) [ الشورى : 40 ] ولا يكون الأجر على الله إلا في الأمور التي يتجرد الإنسان فيها من الطمع في طلب المثوبة وعدم انتظار الشكر أو الثناء من الناس , وهي أشياء زائلة ومؤقتة ولا تستمر طويلاً , لأن رأي الناس فيك قد يتغير في لحظة شك أو سوء ظن أو وشاية أو هوى .
فرأي من يهمك اكثر؟؟؟؟؟؟ الناس ام الله
انتظر ردودكم